كثيرة...اعادت الي ذهنه قصة بناء منزله الذي صدر قرار بهدمه لانه لم يستخرج تصريحا لبنائه ..تذكر كيف اتت الجرافات لتحوله الي بضع اكوام من التراب وكانت تمر علي منزل اخر له ستة طوابق تم بنائه في نفس الوقت ورغم ان الاخير قد صدرت احكام بهدمه تجاوزت التسعين قرارا..لكن الجرافات مرت عليه بردا وسلاما...حمد الله ان اعاد البناء مرة اخري وحمد الله اكثر ان لديه ما يستحق البهجه..فاولاده ينعمون بقدر من التكوين ما يجعلهم افضل من غيرهم..هو اول من ادخل الكمبيوتر في فريته وهو يعرف بخصال جعلت منه معلما ملاذا لكثير ممن عرفوه..نادي ابنته الصغري
شيماء بسرعة احضار الشيشة التي طالما كانت مثار جدل بينه وبين اسرته..استعاد ذاكرة لم تكد تختفي حتي تعود تذكر يوم ان حصل علي الثانوية العامة منذ اكثر من خمس وعشرون عاما حينها كان بيت الاسرة القديم مكتظا بالمهنئين والمباركين وتناثرت اعيرة نارية معلنة وجوب الفرحة..اليوم هو ينتظر فرحة اكبر..ليتها تاتي..انه الابن الاكبر احمد..خلاصة ما تمني ..احمد ذلك الفتي الصغير الذي حفظ القران منذ ان كان في الرابعة عشر..كان شديد التعلق
بجهاز الحاسب الذي اشتراه له ابوه..تعلم الكثير..كانت نابها رغم ما احاط به تعثر زملائه..واليوم يوم مختلف..نتيجة الثانوية العامة اقتربت من الاعلان..الاسرة اعلنت حالة الانتظار..ابو احمد يشتعل تبرما بتاخر ظهورها..الام تستنشق رائحة الطب لابنها في حذر..محمد اخو ه الاصغر يترقب لاهيا في الامساك بدراجته كي يتلقي البشري من اعمامه..ابو احمد لايلقي بالا للنار المشتعلة في شيشته..انه الانتظار..دق الهاتف...خيرا خيرا..انها البشارة..الو..الو...لا
لا..النمرة خطا سيدي..القي ابو احمد هاتفه ارضا....شعر باختناق..اولاده يحيطون به..تمني عليهم ان يتركوه وحيد..تلكا الاولاد في الابتعاد..امسك بمبسم شيشته..النار توقفت عن الاشتعال امامه..لكنها انتقلت الي صدره....تري هل يتحقق ما تمناه يوما..هل يسطع احمد ان يفعلها..وهل امنية الطب اشد وطئا مما عليه ذلك الولد الشفي كما كان يحلو له ان يسميه..لا لا احمد لها ان شاء الله..تذكر يوم ان كان مدير مدرسة احمد الابتدائية يضع صورته امامه اعجابا
بقدراته وعلي مكتبه..يبدو ان الوقت توقف...الهاتف..مرة اخري..ابو احمد لا يرد..امسكت زينب بهاتف ابيها...زينب تصرخ..خيرا خير..خيرا زينب ما بكي...احمد..احمد تسعة وتسعون درجة نصف..ابو احمد يحاط بهالة من العناق ..الاولاد والبنات يصيحون..محمد الابن الاصغر يجري صوب دراجته ليبشر اعمامه..لم يعرف عبدالرحيم ابو احمد كيف تسرب الخبر ا الاعمام اتو جميعا..احمد ..احمد..اول طبيب في العائلة..ابو احمد يتعجل الشربات..زينب تتلكا..صناديق المشروبات تتوالي من الاعمام..ابو احمد يستعيد الذاكرة يوم ان كان البيت مكتظا عند حصوله علي الثانوية
العامة..المؤكد ان اليوم لن يقل الاكتظاظ..صناديق المشروبات تنتظر المهنئين..الاعمام ينتظرون التهاني..الوقت يمر..ما بالهم لا ياتون..ليس هذا موسم حصاد ولازرع..ليس لديهم ما يشغلهم....الكل يترقب القادمون....الوقت يمر ثقيلا...اخذ الاعمام في الخروج واحدا تلو الاخر..ابو احمد مازال ينتظر.....صوت ياتي من الخارج..احمد..احمد..احضري المشروبات زينب...هاهم ياتون..نعم معم انه العم زكي...اهلا عم زكي..ربنا يكرمك ابو احمد..والله انا اعزك ابو احمد ولك قدرك عندي..ابو احمد اهتز فرحا بما قال..عم زكي استدار خلفا ونظر الي شيشة ابو احمد قائلا:عندي ضيوف ..اتمني لو اعطيتني الشيشة بعضا من الوقت