داخلها..امسكت بالجريدة...رات ناظر المحطة..سالته متي ياتي قطار الثانية صباحا..اجابها بشئ من النفور:غالبا في الرابعة..تسللت الضيق الي نفسها..قررت ان تتناول فنجان قهوة..اخذت الكرسي المواجه لرصيف القطار..كان بجوارها سيدة انيقة في الثلاثينيات..دعتها ان تتناول معها القهوة..شكرتها بشياكة..امينة تسالها عن وجهتها..ردت بشئ من الفتور:القاهرة..قالتها دون ارتياح للرحلة..تبادلتا كلمات من هنا وهناك..عرفت امينة ان اسمها راضية رغم ان قسمات وجهها لا تعكس المسمي..صوت صفير القطار..بدات حالة من النشاط تدب في المحطة..بائعو المشروبات والسندوتشات..منادي الجرائد..جنود يرتدون الحلة العسكرية..ضجيج اطفال..اصوات تزداد علوا..زحام علي
الرصيف...امينه حملت حقيبتها الصغيرة..كانت في العربة الثالثة..كرسيها هو رقم خمسة..دخلت العربة بصعوبة بالغة جراء المسافرين من حملة الحقائب..نظرت يمينا ويسارا باحثة عن كرسيها..اخيرا وجدته..لوهلتها رات راضية مرة اخري تجلس بجانبها..اهلا ابنتي..راضية بادلتها التحية وهي تخرج محمولها لترد علي مكالمة اتتها في نفس اللحظة..يبدو ان الشبكة سيئة..لم تسمع شيئا..امينة هانم تسالها عن عملها..فوجئت امينة بشئ لم تكن تتوقعه..راضية الانيقة الجميلة والتي ظنتها امراة... انها كفيفة..فقدت بصرها وهي في العاشرة ..لم تري النور منذ الصبا.فوجئت بما
هو اكثر..راضية شاعرة واديبة وتعمل في الشئون الاجتماعية..تحكي راضية كيف تمنت لو لعبت علي الرمل ..لو قفزت كرفيقاتها ..لو لعبت كالصغار..لو خاطبها غيرها حديث الهوي لا الشفقة .كان حديثهما مفعما بكل القضايا..راضية تدرك الكثير..تري ما هو اكثر..تعرف منعطفات البلاد وعثراتها..تعرف هموم الشباب..تعرف تقنيات العصر..تعرف
ميلاد الحب..تغتال الصمت بكلماتها..شئ واحد لا تعرفه راضية:لماذا لا يفهم الناس الطريق الي جوارحها؟