كما يعمل 350 باحثاً مصرياً في الوكالة الأمريكية للفضاء ناسا بقيادة العالم الدكتور فاروق الباز، الذي يرأس حالياً «مركز الاستشعار عن بُعد» في «جامعة بوسطن».
إضافة إلي حوالي ثلاثمائة آخرين، يعملون في المستشفيات والهيئات الفيدرالية، وأكثر من ألف متخصّص في شئون الكمبيوتر والحاسبات الآلية، خاصة في ولاية «نيوجرسي» التي تضم جالية عربية كبيرة.
هل تعرف كثيرا أو قليلا عن مساهمة عدد من أساتذة الجامعات المصريين في تطوير العديد من الدراسات الفيزيائية والهندسيّة في الجامعات ومراكز الأبحاث الأمريكية، خاصّة في جامعة كولومبيا في نيويورك وجامعتي«بوسطن» و«نيوجرسي». وعلي رأسهم العالم المصري «أحمد زويل».
هل تعرف أنه طبقاً لما أعلنته وزارة القوي العاملة والهجرة فإن إجمالي عدد العلماء المهاجرين من مصر وحدها بلغ 465 ألف عالم منهم 200ألف هاجروا إلي أمريكا و60ألفاً هاجروا إلي كندا و50 ألفاً إلي استراليا و155 ألفاً إلي دول أوروبا.. وتشير الإحصاءات إلي أن معظم المهاجرين من خريجي الجامعات وعلماء الطبيعة والأطباء والمهندسين، كما أنه منذ بداية الستينيات من هاجر إلي الغرب أكثر من 61ألف طبيب مصري و100ألف مهندس مصري و122ألف اختصاصي فني.
(لمزيد من الإحصاءات يمكن العودة لدراسات عمر عبيد حسنة: البعد الحضاري لهجرة الكفاءات. وأنطوان زحلان: هجرة الكفاءات العربيّة، السياق القومي والدولي والبحث العلمي العربي، معوقات وتحديات محمد مسعد ياقوت، والبحث العلمي مدخل الصهاينة للتفوق علي العرب، دراسة لعامر حسين):
لماذا أذكر لك هذه الأرقام والإحصاءات؟
هل لتتحسر؟ هل لتفكر؟ أم لتغير؟
مش عارف، لعلك تختار أنت ما تستفيد به من هذه الحقائق وتتصرف بنفسك، لكن ما أريد أن أؤكد عليه انطلاقا من أن لدي مصر كل تلك الثروة من العقول النابهة والعبقريات الحاضرة، إن المشكلة ليست فينا كشعب وكأفراد، إنما فين المشكلة إذن؟
المشكلة في النظام، لامؤاخذة في السيستم؟
وما السيستم إذن يا قوم؟
هو نظام مبارك ونجله، هل هذه الإجابة تريحك؟ طبعا ستفهمها محاولة مني لإلقاء أي مصيبة علي رأس النظام وكأنه أُسّ كل الشرور وسر كل البلاوي وأصل كل أزمة وهو ما يريحني وقد يريحك، ويبقي الحل إننا نزيح هذا النظام من علي صدرنا، ولأن هذا من وجهة نظرك لن يتحقق بسهولة وقد لا يتحقق بصعوبة يبقي نستسلم وننكتم وهييه، هيا بنا نيأس؟
هذه النظرية أسمعها من الكثيرين وأكاد أتهبل أحيانا وأصدقها؟
لكن المؤكد أنها نظرية فاشلة لناس مش عايزة تعمل حاجة، فالحقيقة أن سيستم (نظام) حكم مبارك مسئول فعلا عن كل المشاكل حيث إنه محتكر الحياة في مصر فهو يقمع ويقهر وهو يزوّر ويزيّف وهو ينحاز للأغنياء ويسحق الفقراء، وهو فاشل في الصناعة والزراعة والتجارة وخايب الصيف خايب الشتا، لكننا كشعب مسئول معه في الكارثة ومسئوليتنا عن الدرك المهبب الذي وصلنا إليه أو بالدقة نزلنا فيه لا تقل عن مسئولية نظام مبارك لأننا كلنا دخلنا في السيستم؟
ومعالم السيستم حكومة وشعبا الآن هي:
-مفيش فايدة.
-مفيش أمل.
-مفيش رجالة.
-مفيش دم.
ويتصرف فيها كل طرف علي كيفه. الحكم يري أنه مفيش فايدة في المواطن؛ لأنه غير مسئول ومتسيب وبيخلف كتير ومبيتعلمش كويس ومش عايز يشتغل، والشعب يشوف مفيش فايدة في الحكومة فهي فاسدة وقاعدة وماصة الدم وكابسة علي دماغنا ويروح جماعة ويأتي غيرهم والحال طين كما هو!
والنظام رأيه مفيش أمل في الشعب فهو لن يتعلم والشعب رأيه أنه مفيش أمل في النظام فهو لن يتغير، وكمل أنت مجموعة المفيشات كما يحلو لك، لكن مجمل المسألة أن الطرفين الحكومة والشعب استمرأ كل منهما الوضع وتموضع علي أساسه وغاصت سيقان مصر في وحل الاستبداد والتخلف والانحدار الاجتماعي بل الأخلاقي! (امسحي دموعك يا آمال ويا سعاد ويا فتحي وعبدالواحد وأنتم تقرأون هذه السطور فأنا لا أرغب في أن ندخل فيلما لحسن الإمام علي روعته بل أعدكم بفيلم ليوسف شاهين علي جنانه )، المؤكد أن وجود العلماء والأفذاذ المصريين سواء داخل مصر رغم العتمة أو خارج مصر رغم الغربة يعني قدرة مصر علي التحول والتبدل والتطور من خمود الفقر والتخلف العلمي والاقتصادي إلي صعود الرخاء والتفوق العلمي والاقتصادي؟
طيب كيف يحدث هذا؟
آه يبقي أنت معي في إنه ممكن، وإننا نستاهل هذا التطور، لكن المشكلة إزاي نعمله؟
عظيم يبقي اتنقلنا نقلة كويسة!
أقولك يا سيدي، نستطيع حين نغير نظام مبارك ونجله!
طبعا ستقول يانهار أزرق رجعنا لنفس الكلام!
وأرد أعملك إيه ما هي دي الحقيقة، فالأزمة أنهم يحكموننا بالاستبداد والتزوير ثم يفشلون في تحقيق نجاح ينقلنا من الظلمات إلي النور (مكتفين بنجاح التوحيد والنور!)، ثم يقنعوننا أن الإصلاح الاقتصادي مسألة شاقة وصعبة، ورغم أنهم يضربون عظامنا بمسامير تلمة وباردة منذ 29عاما بدعوي الإصلاح الاقتصادي فإنهم مفسدون، لماذا؟
- لأنه لا تقدم اقتصادي بدون ديمقراطية؛ حيث نتفق كلنا علي تحديد خطواتنا وتقرير مصيرنا، لكن أن يخطف الحزب الوطني الحكم بالتزوير وقانون الطوارئ وينفذ هو علي طريقته وبمزاجه ما يراه صالحا أو بالأحري مصلحته فهذا لا يؤدي لأي إصلاح (يؤدي إلي الدويقة والعياط فقط).
- لأنه لا إصلاح اقتصادي بدون شفافية ورقابة ومحاسبة، لكن أن يدير شئوننا عابثون وجاهلون وفاسدون وكانزون وشاربون من حميم شرب الهيم؛ فهذا يجعل الإصلاح خرقة قماش معطرة برائحة الزبرجد (حد عارف يعني إيه زبرجد؟) يمسح بها المليونيرات تعرق أيديهم من لعب الجولف!
لهذا لابد من ديمقراطية حقيقية لضمان تخطيط إصلاح فعلي ولامناص من نزاهة كاملة لضمان تحقيق إصلاح ناجح!
والدليل عندي هي تلك الدول التي خربت اقتصاديا وبدا أنها سقطت سقوطا بلا عودة وتم تدميرها تدميرا بلا أمل في أي نهوض، فإذا بها تقوم وتفوق وتنهض وتقوي كأنها فؤاد المهندس سمع أغنية «العتبة جزاز» في فيلم «شنبو في المصيدة» فتحول إلي سوبرمان وفرافيرو اقتصادي.
مثلاً الأرجنتين يمكننا تقسيمها إلي ثلاث مراحل. بدأت عام 2001 عندما أخذ كبار أصحاب الأموال ورجال الأعمال حقائبهم الدبلوماسية طائرين إلي الأورجواي (سويسرا أمريكا الجنوبية) واقفين صفوفا أمام بنوك الأورجواي لإيداع دولاراتهم الأمريكية في البنوك أوفي خزائن تلك البنوك. وكما يحكي عبدالله الحميد في دراسته:هل تفلس الدول؟ إن الجزء الثاني من قصة الأرجنتين عندما أتم كثير من رجال الأعمال نقل أموالهم للخارج، ومن ثم قررت الحكومة الأرجنتينية تجميد الحسابات البنكية والسماح بسحب ما يعادل 250 دولاراً أمريكياً فقط كل أسبوع. وأصبح منظر مواطنين أرجنتينيين نائمين أمام آلات السحب النقدي مألوفا. في العاصمة بوينس أيرس حدث الجزء الأخير من القصة عندما انخفض الاستهلاك بنسبة عالية جدا (60%) مما أدي إلي أعمال شغب وتخريب من قبل عشرات الآلاف من الشباب، خاصة انتهت بفرار الرئيس فرناندو في طائرة هيلكوبتر. بعدها ارتفع التضخم 25% معلنا عن أسوأ أزمة مالية تمر بالبلاد خلال مائة عام. حتي أتي كيرشنر عام 2003 معلنا للمقرضين الدوليين للبلاد أن الأرجنتين غير قادرة علي دفع دينها الخارجي الواصل 145 بليون دولار أمريكي.
ومع ذلك يا أخي شوف الأرجنتين وقد تحولت في أقل من ست سنوات إلي دولة ناهضة ومحترمة اقتصاديا وغسلت كل آثار نكستها المالية والاقتصادية في عنفوان رائع، أي سحر سحروه، إنها الديمقراطية، نزاهة الانتخابات والرقابة والشفافية والتخطيط العلمي والانحياز للمواطنين وليس لحفنة من مليارديرات الحكم، لكن الصورة الأقوي والأفصح والأنصع تجدها في البرازيل تلك التي توقفت عن سداد ديونها للعالم وأعلنت إفلاسها تماما إذا بها تنهض من الرماد وتتقدم الصفوف وتصبح من الاقتصاديات الناهضة، كتب الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سلفا مقالاً يحكي فيه سيرة بلده ورئاسته قائلاً: إن البرازيل حطمت خرافة إما القبول بما يمليه الاقتصاد المعولم الذي لا يرحم، وإما العيش في عزلة قاتلة.
ويضيف: لم تختلف طفولتي كثيراً عن طفولة العديد من أبناء العائلات الفقيرة: وظائف غير رسمية، وقليل جداً من التعليم الرسمي. الدبلومة التي كنت أحملها كانت مشغِل مخرطة حصلت عليها إثر التحاقي بدورة في الخدمة الوطنية للصناعة. بدأت أعيش واقع حياة المصانع، الأمر الذي أيقظ في داخلي مهنتي كزعيم نقابة مهنية. وأصبحت عضواً في اتحاد عمال المعادن في ساو بيرناردو التي تقع في ضواحي مدينة سان باولو. وبعدئذ أصبحت رئيس هذا الاتحاد، وبصفتي هذه تزعمت الإضرابات التي وقعت في الفترة 1978 ـ 1980 والتي غيرت وجه الحركة العمالية البرازيلية ولعبت دوراً كبيراً في إعادة الديمقراطية إلي البلد الذي كان يرزح تحت الحكم العسكري الديكتاتوري، لم تكن الرأسمالية البرازيلية في ذلك الوقت مجرد مسألة رواتب متدنية وظروف عمل غير صحية وقمع لحركة الاتحادات المهنية، بل كانت تتجلي أيضاً في السياسة الاقتصادية وفي كامل منظومة السياسات العامة الحكومية والقيود التي كانت تفرضها علي الحريات المدنية. لقد اكتشفت أنا وملايين العمال الآخرين أنه لا يكفي أن تقتصر مطالبنا علي تحسين الرواتب وظروف العمل، بل كان من الضروري أن نناضل من أجل المواطنة ومن أجل إعادة تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية بصورة عميقة. لقد ناضلت وخسرت الانتخابات أربع مرات قبل أن يتم انتخابي رئيساً للجمهورية عام 2002، وعندما كنت في المعارضة تعرفت علي بلدي عن قرب. وفي المناقشات التي أجريتها مع المفكرين، قمت بوضع البدائل لمجتمعنا الذي كان يعيش علي هامش العالم ويعاني الركود واستشراء عدم المساواة، عندما وصلت إلي سدة الرئاسة، وجدتني أواجه ليس فقط مشاكل هيكلية خطيرة، لكن وجدت نفسي أيضاً في مواجهة إرث من انعدام المساواة المتأصل. ذلك أن معظم الذين تعاقبوا علي حكم بلدنا، حتي أولئك الذين قاموا بالإصلاحات في الماضي، حكموا لصالح الأقلية. لقد كان همهم برازيل لا يهم فيها إلا ثلث السكان. كان الوضع الذي ورثته لا يتعلق فقط بالصعوبات المادية، لكن أيضاً بممارسات متجذرة كانت تهدد بشل حكومتنا وأخذنا إلي حالة من الركود. فقد كان يقال إننا لن ننمو من دون تعريض الاستقرار الاقتصادي للخطر. وكان علينا أن نختار بين السوق الداخلية والسوق الخارجية، فإما أن نقبل بما يمليه علينا الاقتصاد المعولم الذي لا يرحم، وإما أن نعيش في عزلة قاتلة. لقد حطمنا هذه الخرافات في السنوات الست الماضية. فقد حققنا النمو ونعمنا بالاستقرار الاقتصادي. وترافق النمو الذي حققناه مع شمول عشرات الملايين من الشعب البرازيلي في السوق الاستهلاكية. لقد وزعنا الثروة علي أكثر من 40 مليون شخص كانوا يعيشون تحت خط الفقر، وضمنا أن ينمو الحد الأدني الوطني للأجور باستمرار، بأكثر من معدل التضخم، وأشعنا الديمقراطية في الحصول علي الائتمان، وأوجدنا أكثر من عشرة ملايين وظيفة. ومضينا قدماً في إصلاح الأراضي، ولم تتوسع سوقنا المحلية علي حساب الصادرات التي تضاعفت ثلاث مرات في ست سنوات، واستقطبنا أحجاماً هائلة من الاستثمار الأجنبي دون أن نفقد سيادتنا. لقد مكننا كل ذلك من مراكمة 207 مليارات دولار من احتياطيات العملات الأجنبية).
انتهت الفقرات التي اخترتها من مقالة الرئيس البرازيلي وأحب أن أذكرك بأن تصنيف الناتج العالمي وكبريات الدول الاقتصادية يقول إن الولايات المتحدة شغلت المركز الأول بين أكبر اقتصاديات العالم في قائمة البنك الدولي لمؤشرات التنمية العالمية لعام 2008؛ حيث تم استخدام معايير للقدرة الشرائية في 146 دولة.
وشغلت الصين المركز الثاني واليابان الثالث، أما المفاجأة ففي الهند حيث احتلت المركز الرابع بين أكبر اقتصاديات العالم باستخدام القدرة الشرائية للسلع والخدمات بالدولار، ثم الأهم أن البرازيل كانت في المركز العاشر والمكسيك كانت في المركز الحادي عشر!.
الهند والبرازيل والمكسيك كانت تعاني بمنتهي القسوة من أزمات اقتصادية طاحنة ولكن بعد أقل من عشر سنوات في الهند وأقل منها للبرازيل والمكسيك صارت دولا تحتل الصفوف الأولي في الاقتصاد العالمي، فاشمعني مصر بالذمة، فيها إيه مصر يمنعها من الصعود من القاع للقمة كما جري مع هذه الدول، فيها إيه مصر!
فيها سيستم مبارك!
عرفت أنا قصدي إيه من الأول!!